أخبارالأرشيفحكوميةمجتمعمقالات

دماغيات أبو المجد: رفقـــاً بهم

الاستماع للخبر

من أعاجيب زماننا أننا عبرنا العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين، وكل القيادات السياسية والوزارية ومادونها يقرون التوجه نحو المجتمع الرقمى ورقمنة كافة الخدمات، والوزارات والهيئات وكافة المسئولين يدعون لذلك ويحفزون له ويسلكون إليه كل مايملكون من سبل..ومع ذلك ترى البعض فى “وادى آخر”، منعزلين تماماً عن ما حدث أو يحدث.

الحكاية ياسادة بإختصار شديد جداً بدأت من “ووهان”..تلك البقعة الصغيرة التى غيرت وجه التاريخ لعدة قرون قادمة، ظهر فيروس قاتل يسمى “كوفيد-19” أو “كورونا المستجد”، هذا الفيروس إنتشر وغزا العالم كله، وحتى هذه اللحظة لم يتم إكتشاف أو إقرار علاج أو لقاح واقى له.

فى ظل هذه الظروف أقرت كل دول العالم حظراً لتجول مواطنيها للحد من إنتشار الفيروس، ونظراً لطبيعة وظروف الشعب المصري فقد لجأت الحكومة المصرية لإجراءات إحترازية فى أضيق الحدود؛ تمثلت فى حظر جزئى للتجول، والحد من كثافة العمالة بالمكاتب، والتوجه لإستخدام أساليب العمل عن بعد..وغيرها، إلا أن الجهات الخدمية لا ينفعها هذا النظام..وبصفة خاصة مكاتب هيئة البريد.

مكاتب البريد (عددها يفوق 4000) مكتب منتشرة فى كل بقاع الجمهورية، وتخدم أكثر من 2 مليون شخص شهرياً الغالبية العظمى منهم مرضى أو معاقين أو فوق سن الـ 60، ونظراً لضيق مساحاتها فقد صدر قرار الحكومة بتخصيص أماكن لإنتظار المواطنين خارج المكاتب، على أن يقتصر عدد المتلقين للخدمات داخل المكتب بالشكل الذى يسمح بوجود مسافة كافية بينهم لمنع إنتشار “كورونا”..ووزير الاتصالات يرافقه رئيس البريد يقومون بجولات شبه يومية للإطمئنان على إستمرارية ونظم العمل بالمكاتب البريدية.

نأتى إلى “لب الحكاية”، فـ “الباشا” رئيس الحى فى إحدى جولاته لتفقد الأوضاع فى حيه الشعبى الشهير شاهد “مواطنين” يجلسون فى الشارع أمام أحد مكاتب البريد، فما كان منه إلا أن أوقف ركبه أما هذا المكتب، وأرسل أحد معاونيه ليحضر له “مدير المكتب”، وبالفعل دخل معاون رئيس الحى ونادى على المدير ” و ” وأمره: “تعالى كلم الباشا”، المدير قاله: باشا مين؟

وبالفعل خرج المدير ليفاجأ برئيس الحى أمامه، ولم تفلح محاولاته لتوصيل فكرة أن هذه قرارات الحكومة ووزارة الاتصالات، وأن هذه الإجراءات يتم إتباعها فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، وظل الوضع محتقناً حتى تدخل مكتب رئيس الهيئة وقام بإجراء إتصالاته مع الحى.

المغزى من هذه القصة أن هناك أطراف فى المنظومة الحكومية يعملون فى جزر منعزلة تماماً، تتأخر المعلومات فى الوصول إليهم.. ولا أدرى ما السبب فى ذلك، ولو أنهم كلفوا أنفسهم عناء التواصل لوفروا الكثير من الجهد والعناء لهم ولغيرهم.

كما أن هناك أشخاص “يطحنهم” عملهم فى خدمة المواطنين، يحملون أعباءً جديدة كل يوم نظراً لحساسية وأهمية أعمالهم..كثيرون..منهم جيش مصر الأخضر.. البريديون، لو حاولت إحصاء عدد الخدمات التى أوكلت إليهم فى السنين الخمس الماضية لوجدتها بالعشرات..حتى فى ظل إنتشار “كورونا”، واجبنا أن نشد على أيديهم، ونساعدهم وأن نرفق بهم.