
من أجمل مخلوقات الله عز وجل طائر الطاووس، يمشى بثقة وخيلاء، ولذلك اطلقت عليه إسم “طاووس البريد”، او “البرنس”، وأحياناً “الباشا”..هكذا كنت ألقبه، لاناقته المفرطة وهندامه الشديد وكياسته المعهودة، هكذا كان صديقي سامح سليمان رئيس قطاع الشئون الدولية السابق بالهيئة القومية للبريد المصري.
كان مفعماً بالحيوية، دائم النشاط حاد الذكاء، دبلوماسياً بمعنى الكلمة ولأبعد الحدود، منفتح الفكر رصين التفكير دقيق القرار.
كان سامح سليمان محبا لوطنه مخلصا لها دؤوب فى عمله، يفكر كثيرا فى سبل التطوير فى أعمال هيئته لرفعة شأنها وبالتالي شان مصر.
اذكر انه أوكلت اليه منذ عدة أعوام مهام إدارة الإعلام بالبريد، وكان عمله هذا بالإضافة إلى أعماله الأخرى في محور الشئون الدولية، فهاتفنى ليستعين بخبراتى الصحفية فى بعض الأمور.
ذهبت لمقابلته بمكتبه بمبنى البريد بالعتبة، وعندما بدأنا في مراجعة بعض البيانات الصحفية البريدية التى من المفترض الموافقة على إصدارها هممت بشحذ قلمى لأظهر خبراتى الكبيرة فى الأخطاء النحوية وعلامات الترقيم، خاصة في وجود هذا البرنس الذى اغلب الظن أنه يتحدث العربية بصعوبة.
فوجئت اننى أمام أسطورة فى اللغة العربية، حجة في اعمال الديسك الصحفي، كان رحمة الله عليه نابغة فى علوم كثيرة، استاذ فى التفاوض والحوار.
كنت على موعد معه ثالث أيام عيد الأضحى الماضى، تقابلنا فى كافيه قريب من منزله، كان واضحاً عليه ان التفكير ياكل راسه، لم يصارحنى بشئ سوى أنه سعيد لانه حاز رضا وثقة مرؤسيه فى العمل..ومن ثم بدأ في إعداد خطة كاملة للتطوير.
فى حديثنا الطريف إتفقنا أن يتم زواج إبنى محمد من إبنته “مليكة”، ذات الثمانية ربيعاً، والتى كان يعشقها هى و”سليم” تؤأمها، وقمنا .. وسرنا معا للمرة الأخيرة، كان مصرا على سرعة تركه والرحيل إلى منزلى بحجة أن معى ابنى الصغير، وكان من المفترض أن نتقابل مرة أخرى الاحد المقبل..لكن للأسف، أصبح سامح سليمان فى لحظات المرحوم سامح سليمان.
أمس صدمتنى مكالمة هاتفية تفيد بإنتحار صديقي البرنس سامح سليمان فى مكتبه بالمعادي، حتى الآن لا أصدق ماحدث، لا أستوعب رحيله المفاجئ، اشعر انها ليست الحقيقة، وانها كابوس لعين سينتهى في لحظة لأجد هاتفى يرن برقمه يطلب مقابلتى لإحتساء القهوة فى مقهى “ليفربول” القريب من منزله.
رحمة الله تعالى عليك ياصاحبى الغالى، غفر الله لك ورحمك وأسكنك فسيح جناته، وتجاوز عن سيئاتك وعاملك بالاحسان والفضل بجاه نبيه ومصطفاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والهم “مليكة” و”سليم” الصبر على فراقك.