وجهة نظر غريبة وعجيبة يفكر بها بعض التجار وأصحاب المحال، يلجأون إلى رفع أسعار السلع (الموجودة بالفعل لديهم) بحجة أن أسعار (الطلبيات الجديدة) إرتفعت وأصبحت (غالية وغير موجودة)..ويقولون: “والله السلعة دى كانت بكذا والجديد منها نازل بسعر كذا”، وطبعاً المواطن المستهلك الغلبان يصعب عليه حال التاجر، ويتعاطف معاه ويقول له: “كان الله فى عونك”، ويشترى ضعف اللى كان محتاجه علشان يلحق قبل الأسعار ماتزيد..ويشعر أنه “فاز”.
نبدأ مع بعض خطوة خطوة على مسار وجهة النظر الغريبة دى؛ لما تيجى تكلم حد من التجار دول وتقوله بتعمل كده ليه:
س: ليه بترفع سعر السلعة اللى موجودة عندك بالفعل، وأنت مشتريها بسعر قليل. ج: “ماهو أنا لما آجى أشترى الجديد هلاقيه غالى وسعره زاد”.
س: طيب ماهو حضرتك هتشترى الجديد الغالى ده وتضيف عليه نسبة ربحك، وبالتالى هتكسب ومش هتخسر.
ج: ماهو رأس المال اللى معايا واللى جمعته من بيع السلع الرخيصة مش هيكفى إنى أشترى نفس الكمية من السلع لما تغلى.
س: ماهو برضو مينفعش إنك ترفع أسعار السلع اللى موجودة عندك بالفعل..مش عارف بس حاسس إن ده مش منطقى ومش حلال.
ج: التجارة كده يابيه، ولو معملتش كده هيحصل تآكل لرأس المال، والتجار اللى مش بتعمل كده بتفلس وبيوتها بتتخرب.
ويبقى الحوار يدور فى دائرة مغلقة لا نهاية لها كالمثل الشائع “البيضة الأول وألا الفرخة”، ولا يستطيع أحد أن يضع له نهاية منطقية يقنع بها الطرف الآخر، فما بين تعاطف حقيقى مع التاجر نظراً لإرتفاع أسعار بعض السلع التى لاعلاقة لها بـ “اللى مايتسمى الدولار”، وبين منطقية التفكير برفع الاسعار للسلع الموجودة عنده بالفعل والتى قام بشرائها بسعر أرخص.
وجهة نظر أخرى أكثر غرابة من السابق ذكرها؛ بعض التجار يقومون بعرض السلع دون الرغبة أساساً فى بيعها، تسألهم عن السعر فيقولون لك سعراً خرافياً غير منطقى بالمرة، وعند الاستفسار عن السبب يكون الرد: “تصدق بالله أنا مش عارف لو بيعتها هأعرف أجيب زيها وألا لأ”.
الحكمة القائلة أن “تسعة أعشار الرزق فى التجارة” يقصد بها التجارة لله، لابد أن نضع التوكل على الله فى بداية تعاملاتنا، الله قبل كل شئ وبعد كل شئ، فلن يغنى التاجر الأكثر زيادة فى الأسعار، ولن يفتقر التاجر الذى يراعى الله فى تجارته أبداً، فوالله لن يجدى ذكاء ولا حيطة في تغيير قدر الله وإرادته، وربما يرد القدر السيئ إذا تعاطفنا مع بعض وكانت تعاملاتنا تتسم بالتعاطف والتيسير ويكسوها الحب فى الله.