فجأة ظهرت “أيقونة” غريبة الشكل على شاشة هاتفي المحمول، لا أدرى ماذا تعني ولا من أين أتت ولا كيف تتم إزالتها، وراحت جهودي وأفكاري فى إخفائها سدي، سألت نجلي الصغير “محمد” ذو السنوات التسعة -والذي يمسك بالموبايل أكثر مني- عن هذه الأيقونة، فما كان منه إلا ضغط هنا وهناك، ويدخل من تطبيق إلى آخر حتي تم إزالة هذه الأيقونة بالفعل، وحقق ممثل الجيل الجديد ماعجزت أنا عن تحقيقه.
الأجيال الجديدة بدأت فى جني ثمار جهود الدولة الدؤوبة لتحقيق التنمية والنهضة التكنولوجية لهم، وبالفعل أصبح شباب الوطن اليوم علي علم ودراية شبه كافية بأعلى مستويات المتغيرات التقنية العالمية، والتي تعد أهم دعائم التوظيف فى العصر الحديث، وبقي لدينا أذيال الأجيال القديمة مابين جاهل وأمي تكنولوجياً، أو “متفلسف” ببعض المعلومات التي أدركها “على كبر”.
وتكمن المخاطر فى هذه الأجيال القديمة، حيث يكونون فريسة سهلة وسائغة لمعتادي الاجرام التكنولوجي، فهذا الرجل يشكو لي أنه تم سحب عشرات الآلاف من رصيده بالبريد بعد أن اتصل به أحدهم موهماً إياه أنه “ربح” فى مسابقة معينة طالباً منه تبليغه بالرقم السري لحسابه البريدي؛ ووقع صاحبنا “جهول التكنولوجيا” فى الفخ وأبلغ المحتال بالرقم؛ وماهي إلا لحظات وكان رصيده قد تم تصفيره.
وهذه السيدة أرسلت إليّ تشكو أنها إستقبلت رسالة على الهاتف بها رقم سري لإحدي محافظ المحمول، وبعدها إستقبلت مكالمة من شخص إدعى أنه موظف من تلك الشركة وطلب منها الرقم السري الذي أرسل إليها، وبدون تخوين وبأمية تكنولوجية كاملة أبلغت السيدة للمحتال الرقم، ومن بعدها قام هذا الشخص بسحب كافة رصيدها.
كانت محاولات الاحتيال هذه فى الفترة الماضية تركز بشكل كبير على الحسابات البنكية، ولكن حملة دعائية مكثفة من قبل هذه البنوك أدت إلى توعية العملاء بعدم الافصاح عن أية بيانات لهم لأى مكالمة هاتفية، ونظراً لأن عملاء البنوك أكثر وعياً وفهماً بعض الشئ تكنولوجيا وثقافياً من عملاء البريد ومحافظ المحمول فقد بائت غالبية محاولات النصب عليهم بالفشل، ولذلك لجأ هؤلاء النصابون إلى العامة من محدودى الثقافات التكنولوجية من الأجيال القديمة، ووجدوا ضالتهم فى الحسابات البريدية ومحافظ الكاش.
يفتح ذلك باباً كبيراً للإهتمام بتوعية “كبار السن” وأذيال الأجيال القديمة غير المعاصرة للتقنيات المالية والتكنولوجية الحديثة، ويستوجب ذلك عمل “كورسات” توعوية لهم سواء عن طريق الجرائد أو البرامج التلفزيونية والراديو وتلك الوسائل التى يستخدمه ويدمنها هؤلاء، كما يحتم تكاتف جمعيات ومنظمات المجتمع المدني والحكومة لحماية “الأجيال القديمة” من وسائل وأدوات النصب التكنولوجي.