أخبارالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

خالد أبو المجد يكتب: الميت الذى عاد إلى الحياة..!!

الاستماع للخبر

شهدت تسعينات القرن الماضي، قفزة قوية فى خدمات الاتصالات، قد لايشعر بها أبناء منتصف الثمانينات، لكن الأجيال السابقة لاقت الأمرين من توافر خدمات الاتصالات العادية، فما بالك بالاتصال عبر المحافظات..وللعلم: لم يكن هناك شيئ متاحاً للعامة والمواطنين إسمه التواصل عبر حدود الدول، بكل كانت وسيلة الاتصال الوحيدة المتاحة وقتها هى الخطابات أو أشرطة التسجيل “الكاسيت”..وربما التلغراف ولكن بمبالغ باهظة.

كانت أولى تجاربى مع جهاز النداء “البيجر”، والذى كان يعد وقتها من يمتلكه”ساحراً ومشعوذاً”، ودون حاجة لأى إشارة فهو بالتأكيد من علية القوم، فهو يتحرك وفى جيبه أو وسطه جهاز يمكن من يريده أن يتواصل معه -حقيقة أنه تواصل بشكل محدود- إلا أنه يمثل نوعاً فريداً من التواصل المتحرك خارج حدود المكان ودون الحاجة إلى أسلاك.

كانت أجهزة البيجر عند بدء نشأتها عبارة عن جهاز يتلقى إشارة أن “فلاناً” صاحب الرقم “كذا” يتصل بك..فقط لاغير، فى سطر واحد على شاشة ذات لون أخضر مضاء لبرهة بلمبات خضراء، بعدها بدأ البيجر رحلة التطور، فأصبحت شاشته رمادية تضئ لفترة معقولة، وأتسعت شاشته حتى أضحت تحتوى عدة أسطر، ويمكن لصاحبها أن يستقبل أو يرسل رسالة كبيرة من عشرات الأحرف، وصارت البطارية أكبر حجماً وأعلى سعة لتخزين الطاقة، مما جعلها تصمد لعدة أيام تصل إلى اسبوع كامل.

أتذكر أن سعر جهاز البيجر الأول كان فى حدود 1500 جنيه تقريباً، ثم ترنح نزولاً وصعوداً خلال السنوات التالية بعد طرح عدة نسخ متطورة وحديثة منه، وظل على هذا المنوال حتى تم إغتياله تماماً عن طريق طرح الهاتف المحمول فى مصر مع بدايات العام 1997.

مع قدوم الهاتف المحمول مات البيجر، وأصبح “تكنولوجيا قديمة”، وصار إقتناء المحمول أفضل الخيارات لأنه يمكن صاحبه من تلقى المكالمات وإجرائها لاسلكياً أثناء التحرك وليست الرسائل أو أرقام الهواتف فقط، وعلى الرغم من مايتطلبه الهاتف المحمول وقتها من ميزانيات ضخمة سواء فى سعر الجهاز أو الخط..أو المكالمات، إلا أنه سريعاً ما أجبر البيجر على الخروج من الساحة بشكل مهين وسريع.

من يومها لم أسمع بشئ إسمه بيجر، وكان أغلب ظنى أنه قد إنتهى وأصبح يمكن رؤيته فى المتاحف فقط، إلا أن أحداثاُ غريبة لتفجيرات حدثت الأسبوع الماضى أعادت ذكر البيجر، وكيف أن فئات معينة لازالت تستخدمه رغبة فى مزيد من الأمن والسلامة، وكيف أنه تم إستهدافه بطريقة ما وتفجيره، فماذا يخبئ لنا المستقبل تكنولوجياً.