نصف مليار جنيه فقط هى قيمة إستثمارات مصنع “هاى تكنوفل اوبتك” الذى تم إفتتاحه منذ أسابيع قليلة لتصنيع كابلات الفايبر، فى شراكة صينية مصرية لإمداد السوق المصرية بإحتياجاته من كابلات الفايبر التى يحتاجها حالياً خاصة مع حداثة تطبيق تكنولوجيات الجيل الرابع وبدء التجهيز لإطلاق الجيل الخامس، والتوجه الوطنى نحو إستبدال كافة الكابلات النحاسية فى أرجاء الجمهورية بكابلات الألياف الضوئية اللازمة للحصول على سرعات فائقة للانترنت.
الحدث فى مجمله رائع، وجذب الاستثمارات خاصة فى مجالات التصنيع التكنولوجى أمر مطلوب، ولكن الملاحظة هنا عند زيارة هذا المصنع أنه لا يحتاج إلى إمكانات خاصة، او كوادر معينة لا تتوفر فى مصر، فالأمر كله يقتصر على عدد قد يصل إلى 10 من الماكينات، تتخذ شكل حرف U ، تقوم بتصنيع ومد وتغليف الكابلات حتى تخرج فى صورتها النهائية خلال دقائق، بعمالة بسيطة وغير نادرة، مع العلم بأن المصنع ينتج قرابة 8 آلاف كيلو متر طولى من الكابلات فى العام.
المثير للدهشة فى الأمر كله أن الشركة المصرية للاتصالات طرحت مشروع مصر الوطنى الكبير، والخاص بإستبدال وإحلال كابلات الألياف الضوئية “الفايبر” منذ بدايات العام 2008 تقريباً، وبالطبع فالحكومة تدرك تماماً حجم الكابلات المطلوب تغييرها، فكيف كان يتم الحصول على الكابلات قبل إنشاء هذا المصنع، ولماذا لم تفكر فى إنشاء مصنع مصرى خالص لإمداد السوق المصرى الناشئ بإحتياجاته من مثل هذه الكابلات، خاصة أن المشروع إمتد حتى الآن لأكثر من 10 سنوات، مع ملاحظة ان إحتياجات هذا المصنع بسيطة للغاية، أرض متوفرة، وماكينات كان من الممكن شرائها، وأيدى عاملة بسيطة تمتلك منها مصر الآلاف.
أتسائل فقط: كيف يضع الشركاء الأجانب أعينهم على سوقنا المصرى الواعد فى كافة المجالات، وكيف يعملون على إستغلال الحجم المترامى للسوق المصرية، والذى يتسع كل يوم عن سابقه، ليفتح آفاقاً جديدة للمستثمرين، فلماذا لا نفكر بنفس الأسلوب وندعم توجهات الصناعة الوطنية، والتى ستكون مواردها من مصر ولمصر، بصورة خالصة مشجعة، على ألا نهمل الاستثمار الأجنبى فى المجالات الاضخم والأكثر تعقيداً.