أخبارمقالات

عمرو جيفارا يكتب: الخريطة الجينية لـ” شخصية مصر” .. (4)

الاستماع للخبر

من مقال بعنوان: وجوه الفيوم الحزينة (مرحلة نادرة في تاريخ الفن) للكاتب  صبري منصور، نشرت في الهلال- ديسمبر 1997، نقرأ أن وجوه الفيوم المدفونة في مصر أقرب في الملامح إلي شكل الوجه الروماني بملامحه المعروفة مثل العيون الواسعة والأتف المستطيل أو المعقوف قليلاً، والشفاه المستديرة، والشعر المجعد .

كل هذه الشواهد تؤكد انتماء هذه اللوحات إلى الفن الروماني مع بعض التأثيرات المصرية انعكست على الزخارف والوحدات المرسومة والعناصر المتصلة بالديانة المصرية، دليل علي أن من قام بإبداعها مسيحيون مصريون).

الفرق واضح إذن بين الاقباط الرومان (قسم من المصريين الجدد) وبين المصريين القدماء، وهو الظاهر في ملامح أقباط مصر (القسم الأول من المصريين الجدد) وبين ملامح وجوه أجدادهم المصريين القدماء.

الأدلة تثبتها الصور التي تم التقاطها بتقنية الـ3D  لتوضح شكل وجود المصريين “القدماء”، والثابت أنه خلال ألف عام أخذت الثقافة الإغريقية والرومانية تنشر الطابع الهيليني في ربوع البلاد وقد تجسد هذا الطابع في آثار متنوعة شملت كل أنواع الفنون كالنحت والتصوير ووسائل الحياة اليومية وأدواتها، والعديد من نماذجها معروض اليوم في المتحف اليوناني الروماني بمدينة الأسكندرية.

سنة 48 بعد ميلاد السيد المسيح – عليه السلام – اضطهد الرومان أفكار كل من اعتنق الدين المسيحي، فقد كان طبيعيا أن يقاوم أباطرة الرومان أفكار الدين التي تنفي عنهم صفة الألوهية وتساوي بين البشر.

كانت النتيجة فرار آلاف المسيحيين إلى الصعيد هربا من التعذيب والتنكيل بهم، وبعد ثلثمائة عام ومع الانتشار المستمر للمسيحية في أرجاء الإمبراطورية الرومانية، بل وبين المواطنين الرومان انفسهم.

اعتنق الامبراطور قسطنطين الأكبر الدين الجديد عام 324 ومن ثم أصبح دين الدولة الرسمي وكذلك الولايات التابعة لها ومن بينها مصر، وبعد انهيار العاصمة روما احتلتها قبائل الشمال انتقل حكم الرومان إلى مدينة بيزنطة عام 395 ودخلت مصر في العصر البيزنطي وهي مازالت في كنف الإمبراطورية الرومانية .. حتى دخلها الإسلام عام 641 .

تلك الفترة هي التي اصطلح على تسميتها بالعصر القبطي وشكلت القاعدة الأساسية لنشأة فن تصوير الوجوه الذي ظهر حديثا ولم تكن له جذور سابقة في تاريخ مصر القديم.

فن الصورة الشخصية بهذا التعريف المحدد قد عرف في الفن الروماني بصفة خاصة حين نشأ في طبقة الأشراف..واجمعت الدراسات على تحديد زمن إنتاج وجوه الفيوم ما بين نهاية القرن الأول الميلادي وحتى نهاية القرن الرابع، وهي المرحلة التي ظهرت فيها البصمات الفنية الرومانية علي الحضارة المصرية.

من التقاليد الرومانية في المقابر صنع نسخة مرسومة من وجه الميت بعد ساعات من وفاته ليتم استخدامها في الطقوس الدينية..وكانت تقنية التلوين بالشمع – استخدمت أولا في اليونان خلال القرنين السادس والسابع قبل الميلاد – ثم نقلها عنهم الرومان، وكان هذا الفن هو الأساس الذي قام عليه فيما بعد فن الايقونات المسيحية القبطية كامتداد له.