أخبارالأرشيفانترنتتقارير

تقرير حديث يكشف: دور “عصابات الـ ٥٠ سنت” فى إشعال فتيل “الوقيعة الرقمية العربية”

الدكتور ياسر عبد العزيز: "بينما ينشغل العالم بمستجدات الذكاء الاصطناعى وتجاربه واختراقاته المُذهلة فإن دولًا أو أجهزة يهمها تقويض التعايش العربى- العربى سجلت نجاحًا لافتًا فى مجال العداء الاصطناعى".

الاستماع للخبر

الإنترنت وساحة التعبير الجديدة:

فى عصر التواصل الرقمي، أصبح الإنترنت منصة رئيسية للتعبير عن الآراء وتبادل الأفكار، ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في ظاهرة “الوقيعة” أو التحريض والتشهير بين الدول العربية عبر الشبكات الاجتماعية، هذه الظاهرة، التي تتجلى في الهجوم المتبادل بين أفراد أو مجموعات من دول عربية مختلفة، أثارت جدلاً واسعًا حول تأثيرها على الوحدة العربية والعلاقات بين الشعوب.

أسباب تفشي الوقيعة الرقمية:

وتعود أسباب ظاهرة “الوقيعة الرقمية” إلى عوامل متعددة، إلا أنها تتفق فى استغلال منصات وسائل التواصل الاجتماعى مثل إكس وغيرها لنشر الخطابات التي تُعمّق الانقسامات، سواء عبر حسابات رسمية أو غير رسمية، ونشر الأخبار المغلوطة أو المعلومات المغرضة التي تستهدف دولة معينة، مما يثير ردود فعل عنيفة من مواطني الدول المستهدفة، ونتيجة للتفاعل العاطفي المستخدمين عرضة للانجرار إلى نقاشات حادة، غالبًا ما تتحول إلى هجوم شخصي أو جماعي يتجاوز حدود النقد البناء.

تحذيرات من حملات مدبرة على السوشيال ميديا:

وفى الآونة الأخيرة حذر تقرير حديث من خطة مُدبرة لإشعال الفتنة بين أبناء بعض الدول العربية، من خلال أنشطة مُكثفة تجرى عبر وسائط “السوشيال ميديا”، تقوم عليها حسابات مُزيفة أو مجهولة؛ لافت إلى أنه  حال نجاح هذه الخطة ولو جزئياً سيؤدى إلى خلق الضغائن وتأجيجها بين المواطنين العرب، استنادًا إلى أسس عنصرية ودعاوى شوفيني.

دور الحسابات المزيفة والبوتات:

وأشار التقرير الذى أشار إليه الدكتور ياسر عبد العزيز، خبير الاتصال والاعلام بهيئة الاذاعة البريطانية إلى أنه بينما ينشغل العالم راهنًا بمستجدات الذكاء الاصطناعى وتجاربه واختراقاته المُذهلة؛ فإن دولًا أو أجهزة يهمها تقويض التعايش العربى- العربى، سجلت نجاحًا لافتًا فى مجال آخر..وهو العداء الاصطناعى.

وحدة “المصير” و”العدو المشترك”:

وأكد التقرير أنه لطالما كانت المشكلات التى تحدث بين الدول العربية لعقود طويلة تتفاعل بمنأى عن العلاقات الإنسانية بين الشعوب نفسها، حيث تشتعل العلاقات السياسية بين دولتين عربيتين، أو محورين سياسيين عربيين، ويتبادل الساسة والزعماء الهجوم، وربما الشتائم، بينما تتواصل العلاقات الإنسانية بين الشعوب، ولا ينقصها التقدير والود، ولا يعتريها البرود، أو يقاربها النفور، تمسكاً بوحدة “المصير المشترك” و”العدو المشترك”، وغيرها من الروابط التى صعّبت بقدر كبير خطط تسميم أجواء العلاقات بين المواطنين العرب أنفسهم، حتى فى أحلك الظروف.

استخدام الحسابات المُزيفة والمجهولة:

وقال التقرير أنه فى الآونة الأخيرة أجمع الخبراء المختصون على وجود تدبير مُحكم عبر استخدام الحسابات المُزيفة والمجهولة، وتوظيف آليات النشر الاصطناعية (البوتات Botsواستخدام أدوات توليد المحتوى التلقائى، وتعزيز رواجه بالخوارزميات من أجل تأجيج الخلافات بين المواطنين العرب فى دولة ما ونظرائهم فى دولة أخرى، وشدد التقرير على أن ما يجرى حاليًا ستكون له عواقب وخيمة لأنه يستهدف الوجدان العربى نفسه، ويُعيد تشكيل صورة “العربى الآخر”، بطريقة مُصطنعة، قوامها النبذ والاحتقار والاستعلاء.

مصطلح “عصابات الخمسين سنتًا”:

وأوضح التقرير أنه هناك تم بالفعل رصد خطة متكاملة لإحداث وقيعة وإشعال فتن بين أبناء الدول العربية فى العالم الافتراضي على وسائل “التواصل الاجتماعى”، وحملات كراهية مُمنهجة بهدف إحداث الوقيعة أو صرف الأنظار عن أحداث إقليمية مهمة، ويضيف الدكتور ياسر عبد العزيز: “لقد طور باحثون فى مجالات «التواصل الاجتماعى» فى الصين مصطلحًا مهمًّا هو “عصابات الخمسين سنتًا”، وأطلقوه على بعض المشاركين بانتظام فى تلك المواقع، باعتبار أن هناك قوى سياسية واقتصادية معينة تؤجر مشاركين لتأطير النقاشات فى اتجاه معين يخدم مصالحها، وكل مشارك من هؤلاء ينخرط فى «عصابة إلكترونية»، ويتلقى ٥٠ سنتًا مقابل كل إفادة يبثها فى الاتجاه المطلوب”.

تأثير الوقيعة الرقمية على الشعوب العربية:

ويقول الكاتب الصحفي خالد أبو المجد، رئيس تحرير وكالة الأنباء التكنولوجية أن أهم تداعيات الوقيعة الرقمية هو تفكك الوحدة العربية، وتُغذية مشاعر العداء بين الأفراد، وتُعزيز الانقسامات بين الشعوب العربية، مما يُضعف فكرة التضامن العربي التي طالما كانت هدفًا مشتركًا، وإهدار الطاقات بدلاً من توجيه الجهود نحو قضايا مشتركة مثل التنمية أو مواجهة التحديات الإقليمية، يتم استنزاف الطاقات في صراعات رقمية عقيمة، إضافة إلى أهداف أخري أبعد تأثيراً مثل تشويه صورة الدول المستهدفة على المستوى العالمي، مما قد يؤثر على السياحة، الاستثمار، أو العلاقات الدبلوماسية.

التوصيات والحلول المقترحة:

ولمكافحة هذه الحملات الممنهجة للوقيعة الرقمية بين الاشقاء العرب يوصى التقرير بعدة خطوات أهمها تعزيز التثقيف العربي، ونشر الوعي حول كيفية التعرف على الأخبار المغلوطة والحملات المغرضة، وإنشاء آليات عربية مشتركة لمراقبة الخطابات المحرضة والتعامل معها قانونيًا أو تقنيًا، ودعم مبادرات الحوار بين الشباب العربي عبر منصات رقمية لتعزيز التفاهم المتبادل، ودعوة المنصات الرقمية مثل إكس وغيرها إلى تطوير خوارزميات أكثر فعالية للحد من انتشار المحتوى المحرض.

نحو إنترنت يوحّد ولا يفرّق:

ويبقى الأمل في قدرة الشعوب العربية على تجاوز هذه الخلافات من خلال الوعي، والحوار، والعمل المشترك، وجعل الإنترنت، جسرًا للتواصل والتضامن.