إستقبال المصريين لتقنية الشرائح المدمجة “الـ esim” التي تم طرحها خلال الأسبوع الماضي بحاجة إلى شرح، وكذلك ردود أفعالهم بعد الوقوف فى الطوابير للحصول عليها ومن بعدها إكتشاف أن هواتفهم لاتدعم هذه التقنية كل ذلك بحاجة إلى تفسير وتدخل قوي من خبراء الطب النفسي.
فى كافة دول العالم والمجتمعات يذهب المستخدمون للتعاقد على التكنولوجيات التى يحتاجونها فقط، ولا يسيل لعابهم تجاه أى تقنيات أخرى ليسوا بحاجة إليها، على الرغم من إمتلاكهم للملائة المالية التى تتيح لهم إقتنائها، ولا تجد لديهم فى أى لحظة ميول للتقليد أو التشبه بأحد..ولكن فى مجتمعنا يختلف الوضع كثيراً.
فمثلاً من الممكن أن يتنازل شخص ما عن “كليته” مقابل أن يشترى هاتف “آيفون” حتى تكون “التفاحة” ظاهرة أما المحيطين والمتعاملين معه، دون التفكير فيما إذا كان بحاجة إلى إمكانيات هذا الهاتف والضوابط الأمنية الخاصة به من عدمه، بل أقسم أنى صادفت قبل عامين أحدهم يشترى هاتف آيفون ويطلب من البائع أن يشغله له، وعندما سأله البائع: “عندك جيميل” أجابه بكل أريحية: “لأ معنديش..بس نشتري واحد..بكام يعنى؟”.
المستخدم حر فى أن يشترى مايشاء ويستخدمه، ولكن الدواعي الاقتصادية التى يمر بها العالم تفرض نظاماً عاجلاً للحصول على الاحتياجات فقط دون اللجوء إلى “الفشخرة والتقليد الأعمى” لنجوم السينما والملاعب مثلاً، فهؤلاء تفرض عليهم ظروفه الاجتماعية وضعاً محدداً يختلف عن الآخرين.
ماحدث عند طرح تقنيات الشريحة المدمجة “esim” فى مصر أن تهافت المستخدمين للحصول عليها دون التفكير: “ها أنا بحاجة إليها أم لا”، وأدى ذلك إلى زحام شديد، الذى حدث بعد ذلك هو المشكلة بعينها، حيث بدأ هؤلاء فى محاولة إرجاع هذه الشرائح حيث أن نسبة كبيرة منهم هواتفهم لا تدعم الشرائح المدمجة، وبدأ عندها التفكير: “هل أشترى هاتف جديد مخصوص لتفعيل هذه الخدمة، أم أنى لست بحاجة إليها حالياً؟”.
بإختصار شديد أتذكر موقف لاعب كرة القدم العالمي السنغالي ساديو مانى، بعد السخرية منه لحمله تلفوناً مكسوراً وهو القادر على تغييره كل يوم فأجاب: “لماذا أريد 10 سيارات فيراري أو 20 ساعة أو طائرتين، كنت جائعاً وكان علي أن أعمل في الحقل، ونجانى الله من الحروب، ولعبت كرة القدم حافي القدمين، ولم أتعلم وأشياء أخرى كثيرة، واليوم بفضل ما أكسبه من كرة القدم، يمكنني مساعدة شعبي، لقد بنيت مدارس وملعبًا، وقمت بتوفير الملابس والأحذية والطعام للأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع..ويختتم: “لست بحاجة إلى التباهي بالسيارات الفاخرة والمنازل الفاخرة والسفر بالطائرة الخاصة”.