أخباراتصالاتالأرشيفتقارير
أخر الأخبار

بالأرقام: مصر تتصدر خريطة تصنيع الهواتف الذكية في إفريقيا والشرق الأوسط

الاستماع للخبر

في ظلّ استمرار النجاح الملحوظ لمبادرات التموضع الصناعي، كشفت مصادر مطلعة عن أن شركتين عالميتين مدرجتين في بورصة هونج كونج بدأتا مؤخراً دراسة إنتاج الهواتف الذكية في مصر، باستثمار أولي يُقدّر بـ 100 مليون جنيه مصري، ضمن المرحلة التجريبية، وينصب تركيز هذه الخطوة على الهواتف من فئة الأسعار المتوسطة، مع نسبة مكونات محلية تصل إلى 45٪.

يأتي هذا الاهتمام مشوقًا، نظرًا إلى ما تقدّمه مصر من موقع جغرافي استراتيجي، يجعلها بوابة مثالية إلى أسواق القارة الإفريقية والشرق الأوسط ما يفتح آفاقًا صناعية ضخمة، ولا يأتي هذا الاهتمام من العدم، فمصر تمكّنت خلال السنوات الماضية من تأسيس قاعدة صناعية كبيرة في مجال تصنيع الهواتف، ووفقًا لتصريحات لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، فإن قدرة الإنتاج المحلية وصلت إلى 11.5 مليون وحدة سنويًا، باستثمارات تبلغ 87.5 مليون دولار، وقد وفّرت نحو 2050 فرصة عمل، وتأتي هذه الإنجازات ثمرة دخول شركات كبرى على خط التصنيع محلياً.. مضيفاً أن مصر تخطط لمضاعفة تصنيع الهواتف الذكية محلياً خلال عامي 2025 و 2026، وموضحاً أن حجم إنتاج الهواتف الذكية المصنعة محلياً بلغ 3 مليون جهاز في عام 2024، فيما تخطط مصر لزيادتهم إلى 9 مليون هاتف في عام 2026.

وكشف الوزير عن سعي مصر للتحول لمركز تصنيع إقليمي للهواتف الذكية، وذلك من خلال العمل على اجتذاب شركات التي تعمل بمجال الصناعات المغذية، مشدداً أنه كان من الضروري زيادة حجم التصنيع بالسوق المحلي للتمكن من جذب شركات الصناعات المغذية مثل الشاشات والبطاريات والاكسسوارات وغيرها.

شركة سامسونج، استثمرت 20 مليون دولار في مصنع بني سويف بطاقة إنتاجية تبلغ 2 مليون وحدة ويوفّر نحو 400 وظيفة، وأنشأت شركة فيفو مصنعًا مشابهاً في مدينة 10 رمضان بنفس الاستثمار وكمّ الإنتاج، بينما تسهم شركات مثل شاومي، ونوكيا عبر شراكة مع SICO في أسيوط، وإنفينيكس، وميكرومكس كذلك في الإنتاج المحلي مع طاقة إنتاجية مجمعة تصل إلى نحو 7.5 مليون وحدة.

إضافة إلى ذلك، تشير بيانات وزارة الاتصالات إلى أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ساهم بنسبة 5.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023/2024، بعد أن كان 5٪ في العام السابق، وقد تجاوزت الاستثمارات في القطاع 83.3 مليار جنيه مصري، مقابل 56 مليار في 2021/2022، بنمو يقارب 49٪، وينبع الدفع الحكومي لهذا التوجّه الصناعي ينبع من استراتيجية شاملة وضعت ضمن رؤية مصر 2030، التي تعطي أولوية لـ “الاقتصاد المعرفي وتشجيع الابتكار وتعميق التصنيع المحلي”.

وعلى أرض الواقع أطلقت الحكومة مبادرة “مصر تصنع الالكترونيات” منذ عام 2015، لدعم تصنيع الإلكترونيات والهواتف محليًا، عبر حوافز، وتراخيص ذهبية، وتسهيلات، ووقّع القطاع العام اتفاقيات مصانع وطنية توفر وحدات إنتاج ضخمة وفرص عمل، مثل مصنع OPPO ببني سويف بطاقة 4.5 مليون وحدة سنويًا، باستثمار يقارب 20 مليون دولار، كذلك أنشأت الوزارة أماكن اختبار ومعامل جودة إلكترونية ضمن مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية، مدعومة باستثمارات تقارب 643 مليون جنيه لدعم الصناعة الإلكترونية، كما تم إطلاق صندوق استثماري بقيمة 300 مليون دولار لاستهداف مجالات أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي بالشراكة مع شركة Tsinghua Unigroup الصينية .

وأكّد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تولي اهتمامًا قويًا بمجال تصنيع الهواتف، لتحقيق الاكتفاء المحلي وتعزيز الصادرات، مع استهداف زيادة مستوى التعهيد المحلي إلى 40٪، حيث أن مصر تعد من بين أكبر 3 أسواق للهواتف الذكية في إفريقيا، وتقترب من الريادة بعد نيجيريا وجنوب إفريقيا، بنصيب سوق يصل إلى 12٪ من الشحنات الأفريقية، كما أن مكانتها الاستراتيجية، وارتفاع الطلب المحلي، إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية ومشروعات البنية التحتية الرقمية، تجعلها مركز تصنيعي مزدهر يقترن بالتموضع الإقليمي، إضافة إلى أن أنشطة تصنيع الإلكترونيات المنزلية، مثل أجهزة سامسونج، إل جي، بيكو، إلخ، مكنت مصر من التوسع في هذا القطاع معتبرًا سوقها قاعدة تصنيع مهمة.

وإذا ما أُثبت دخول الشركتين المدرجتين في بورصة هونغ كونغ فعليًا، فهذا يعني توسع ملموس في التصنيع المحلي بنسبة مكونات محلية تصل إلى 45٪، وتحول المرحلة التجريبية إلى قاعدة إنتاجية تصب في أراضٍ إقليمية واسعة، مصحوباً بدعم سياسي متحقق عبر أطر مثل “رؤية مصر 2030، ومبادرة مصر تصنع الالكترونيات”، مما يحقق إسهام اقتصادي مباشر في خفض العجز التجاري وتعزيز الصادرات والتصدير لأفريقيا والشرق الأوسط.

وباختصار: مصر ليست بعيدةٍ عن أن تصبح موطن التصنيع الإقليمي للهواتف الذكية، فحلقات الصناعة المحلية تتعاظم، والشركتان العالميتان المحتملتان ستضيفان زخماً نوعياً لهذا التحوّل، بدعم سياسي متين وغطاء اقتصادي استراتيجي.

error: Content is protected !!