
في خطوة تعكس تسارع وتيرة التحول الرقمي في مصر، شهدت العاصمة القاهرة مشهداً استثنائياً يجسد تلاحم الأكاديميا مع الصناعة العالمية؛ حيث احتفلت جامعة مصر للمعلوماتية بتخريج الدفعة الأولى من برنامجها التدريبي المكثف بالتعاون مع العملاق العالمي “تيراداتا” (Teradata).
هذا البرنامج لم يكن مجرد دورة أكاديمية عابرة، بل كان بمثابة “مختبر ابتكار” نجح في تطويع خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة لإيجاد حلول واقعية لتحديات اقتصادية ملموسة، مما يضع خريجي الجامعة على قمة الهرم التنافسي في سوق العمل الإقليمي والدولي.
وخلال مراسم الاحتفال، قام المهندس رأفت هندي، نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ونائب رئيس مجلس أمناء الجامعة، بتسليم الشهادات لنخبة من المبدعين الذين لم يكتفوا باجتياز الجانب النظري، بل قدموا مشروعات تطبيقية رائدة تدعم استراتيجية الدولة نحو “الاقتصاد الرقمي”.
وأكد المهندس هندي أن هذه الشراكات هي حجر الزاوية في صقل مهارات الكوادر الشابة، مشيراً إلى أن المتدربين خاضوا تجربة مهنية كاملة داخل أروقة “تيراداتا”، مما مكنهم من المشاركة في مشروعات حقيقية بقطاع تكنولوجيا المعلومات الحكومي، أبرزها تطوير نظام ذكي لتصنيف السلع عالمياً وتحويل البيانات النصية المعقدة إلى هيكل رقمي منظم يدعم اتخاذ القرار السيادي والشفافية التنظيمية.
ولم تتوقف طموحات الخريجين عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل حماية الاستقرار المالي؛ حيث نجح فريق آخر في تطوير نموذج تنبؤي يعتمد على “تعلم الآلة” لتحليل البيانات المالية للشركات بالسوق المحلية.
هذا الابتكار يعمل كجهاز إنذار مبكر يرصد مخاطر التعثر قبل وقوعها، مما يمنح الجهات المعنية فرصة للتدخل الاستباقي وحماية القطاعات الاقتصادية من الأزمات.
ومن جانبه، أوضح الدكتور أحمد حمد، القائم بأعمال رئيس الجامعة، أن هذا التعاون الاستراتيجي مع “تيراداتا مصر” فتح آفاقاً تعليمية غير مسبوقة، أتاحت للطلاب والأساتذة الوصول إلى المنصات التعليمية العالمية والمصادر المتخصصة، مما يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للمواهب الرقمية.
وعلى صعيد الشراكة الدولية، أكد المهندس خالد حمودة، المدير الإقليمي لأفريقيا بشركة تيراداتا، أن هذا البرنامج هو الثمرة الحقيقية للاتفاقيات الدولية بين الحكومة المصرية والشركة العالمية.
وأشار إلى أن إشراك الطلاب في مشاريع قائمة بالفعل منحهم خبرات واقعية تتماشى مع أدق متطلبات سوق العمل الدولي.
ومع حضور كوكبة من قيادات وزارة الاتصالات وعمداء الكليات، يرسل هذا الاحتفال رسالة واضحة بأن مصر لا تكتفي باستيراد التكنولوجيا، بل تستثمر في “عقول المعلوماتية” القادرة على برمجتها وقيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي بكل ثقة واقتدار.









