أخباراتصالاتالأرشيفمقالات
أخر الأخبار

خالد أبو المجد يكتب: من “سيكو” إلى “أوبو”..!!

لم تكن مشاهد افتتاح مصنع “أوبو” العالمي بمدينة العاشر من رمضان حدثًا عابرًا في المشهد الاقتصادي المصري، بل حلقة جديدة في سلسلة إنجازات بدأت قبل سنوات مع إطلاق أول هاتف مصري الصنع “سيكو” من قلب المنطقة التكنولوجية بأسيوط الجديدة، مرورًا بمصانع “ريلمي” و”فيفو”، وصولًا إلى دخول عمالقة الصناعة الصينية رسميًا إلى السوق المحلية بخطط توسعية واستثمارات ضخمة.

هذه المشروعات ليست مجرد خطوط إنتاج أو مصانع تجميع، بل تعبير صادق عن تحوّل هيكلي تشهده مصر في أحد أهم القطاعات المستقبلية: صناعة الإلكترونيات الذكية..فخلال العقد الأخير، أدركت الدولة المصرية أن امتلاك مقومات التصنيع التكنولوجي لم يعد ترفًا تنمويًا، بل ضرورة سيادية واقتصادية، فالدول التي تنتج التكنولوجيا، لا التي تستهلكها، هي القادرة على المنافسة والبقاء في عالم تحكمه السرعة والابتكار.

انطلقت الرؤية المصرية من هذا المفهوم، فوضعت القيادة السياسية هدفًا واضحًا: توطين صناعة الإلكترونيات الذكية كأحد أعمدة “مصر الرقمية”، ومن هنا جاء دعم إنشاء المناطق التكنولوجية في أسيوط وبني سويف وبرج العرب والسادات، باعتبارها بيئة حاضنة للمصنعين والمطورين معًا.

دخول شركات عالمية مثل “أوبو” و”فيفو” و”ريلمي” إلى السوق المصرية لا يعني فقط تدفق استثمارات أجنبية مباشرة، بل يؤكد ثقة تلك الشركات في استقرار المناخ الاقتصادي والتشريعي في مصر، خاصة بعد نجاح الدولة في إصلاح منظومة البنية التحتية، وتوفير الطاقة والعمالة المدربة، وتيسير إجراءات الاستثمار.

لا يمكن قراءة هذه الطفرة الصناعية بعيدًا عن الرؤية الشاملة للدولة في التحول الرقمي وتمكين الاقتصاد القائم على المعرفة، فالرئيس عبد الفتاح السيسي وضع منذ سنوات ملف الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضمن أولويات التنمية الوطنية، باعتباره قاطرة التحول الاقتصادي والاجتماعي.

ومن هنا جاءت المبادرات الرئاسية مثل “مصر تصنع الإلكترونيات”، و”مستقبلنا رقمي”، و”مبادرة حياة كريمة”، التي دمجت التكنولوجيا في التنمية المحلية، مما جعل من مصر نموذجًا تنمويًا رقميًا متكامل الأركان في المنطقة.

ومع دخول شركات الاتصالات العالمية في شراكات استراتيجية مع الدولة، أصبحت مصر اليوم مرشحة لأن تكون المركز الإقليمي لصناعة الهواتف الذكية في الشرق الأوسط وأفريقيا، بفضل موقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية المتعددة مع الأسواق الأوروبية والعربية والأفريقية، وفي ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن مصر تخطو بثقة نحو مرحلة جديدة من تمكين التكنولوجيا والإنتاج الذكي، مستفيدة من الإرادة السياسية والدعم المؤسسي والرؤية الواضحة لبناء اقتصاد يقوم على التصنيع والإبداع.

من “سيكو” إلى “أوبو”، تتشكل “ملامح المستقبل المصري”، حيث تتحول البلاد من سوق استهلاكي ضخم إلى منصة إنتاج إقليمي لصناعة الإلكترونيات، ووجهة عالمية للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار والفرص في قلب الشرق الأوسط.

error: Content is protected !!