أخبارالأرشيفمقالات

بقلم رئيس التحرير: شهد شاهد من أهلها

الاستماع للخبر

8

شتان بين حال أهل قريتى اليوم، وبين أحوالهم فى السنوات الماضية، وكيف كانت معيشتهم فى ظل وعود براقة ووهمية بإصلاحات شاملة وكاملة طوال عقود طويلة، ربما إذا سردت ذلك لأصاب البعض الذهول.

قريتنا الصغيرة؛ القابعة فى أحضان محافظة سوهاج بقلب الصعيد، كانت تغوص فى الظلام حتى ثمانينات القرن الماضى، وكانت وعود المرشحين للمجالس النيابية تأتى على قمتها الكهرباء، وعندما دخلت الكهرباء قريتنا كان هناك “محول” واحد، فى أقصى غرب البلد، يتم تشغيله ساعات معينة وإغلاقه ساعات أخرى لإراحته ..تخيلوا، وتأتى ساعات الراحة هذه فى الوقت الذى يحلو للقائم على “تشغيل وإطفاء المحول”، فلا يهم إن كان هناك طلاب بحاجة إلى الإضاءة للمذاكرة، أو يشغل باله مسن بحاجة إلى ترطيب هواء المروحة ليخفف عنه حرارة قيظ الصيف.

وحتى لا يشطح البعض بمخيلته فإن هذا الأمر ظل حتى السنوات الأولى من الألفية الثانية، وتغيرت الأمور بعض الشيئ بعد أن تم ربط الكهرباء بمحول آخر وثالث فى قرى قريبة، هذا فيما يخص الإنارة.

 

أغلب ظنى أن “الصرف الصحى” مصطلح لم يسمع به غالبية سكان قريتنا إلا منذ شهور بسيطة، فأصبح يتردد بعد أن بدأ صعيد مصر يحظى بحق بإهتمام القيادة السياسية، فكانت مبادرة “حياة كريمة” بالفعل إسماً على مسمى، ومنحت لأهالينا إكسير الحياة، وأعادت النبض لشريان الصعيد الذى كان يأن من “جلطات” إهمال العصور السابقة، حتى إننى فى زيارتى الماضية هالنى ما رأيته من تطوير وتحديث وإهتمام داخل قريتنا.

شاهدت المدارس والمعاهد الدينية، بعد أن كانت مدرسة واحدة بلا سور، ورأيت الترع التى تم تبطينها بع أن كانت مرتعاً للحشائش والأمراض والآفات، وشاهدت أبناء بلدتى أصحاء بعد أن كانت “البلهارسيا” متوطنة بأجسادهم، و”الكبد الوبائى” تؤأم لحياة غالبيتهم، ومررت بجوار مكتب البريد الذى يتوسط قريتنا فى مكان قريب للجميع، بعد أن كان أقرب مكتب للبريد يبعد بأكثر من 4 كيلومترات، وتابعت الاهتمامات الصحية بعد أن قضت “العقارب والثعابين” على الكثير من الأطفال والشيوخ بلا تفرقة.

حقيقة.. ما يحدث على أراضى الصعيد هذه الأيام معجزة على كافة الأصعدة وبكل المقاييس، قرار مبادرة “حياة كريمة” أكثر من جرئ، عجزت قيادات كثيرة سابقة أن تفكر فيه، أو أن تخطو خطوة لدعم مصريين يعيشون تحت خط الحياة، فـ”حياة كريمة” أعادت بالفعل أبسط أسس الحياة لقرى صعيد مصر، فخالص الشكر للقيادة السياسية التى منحت لأهالينا بالصعيد معانى الكرامة والإنسانية والآدمية.