أخبارمقالات

خالد أبو المجد يكتب: فى أوروبا والدول المتقدمة

الاستماع للخبر

إقتحمت شركة “لينوفو” سوق الهواتف المحمولة مصر فى منتصف 2013، وسريعاً إستطاعت أن تحصل على حصة “محترمة” فى السوق الاكثر نمواً فى الشرق الاوسط، وأصبحت خلال سنوات قليلة تحتل المرتبة الرابعة من حيث مبيعات هواتفها فى مصر، وكان فرعها فى مصر يخطط فى العام الماضى للاستحواز على نسبة14% من حصة الهواتف الذكية فى السوق المصرية..إلا أنها فجأة قررت أن تنسحب من مصر، وبالتالى توقف الدعم والتحديثات لملايين الهواتف التى قام المصريون بشرائها، وأصبحت حالياً عرضة للتعطل أو الإصابة بالفيروسات الالكترونية.

ربما تكون “لينوفو” الشركة الأكثر إحتراماً بين أسماء عدة لشركات “هلامية” من دول كثيرة إقتحمت السوق المصرى ببضاعتها التكنولوجية، وسارعت بـ “إغراق” السوق بها بأسعار تنافسية، وتحت وطأة الوضع الاقتصادى لغالبية المصريين لاقت هذه الهواتف المصنعة “تحت السلم” رواجاً شديداً..إلا أنها كما ظهرت فجأة، و”هبرت الهبرة”، تكتفى، وتختفى عملاً بالمثل القائل: “إخطف وإجرى”، تاركة وراءها الملايين من ضحايا هواتفها.

أتذكر يوماً كنت جالساً على إحدى مقاهى وسط البلد مع بعض من قادة القطاع الخاص للإتصالات، وكان أحدهم على موعد مع ممثل لإحدى “الورش” الصينية لتصنيع المحمول والتى تحمل إسماً قريباً من إحدى العلامات التجارية الشهيرة، وقدم لنا قرابة 10 موديلات مزينة بالذهب، رائعة الشكل والجمال والإمكانات، بأسعار تكاد تقترب من سعر “كيلو اللحم”، شريطة أن يتم تسويق 10 آلاف قطعة شهرياً.

مصنعين أو مجمعين جدد، إستباحوا حرمة السوق المصرية بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان..حتى أصبحت تجارة المحمول مهنة من لامهنة له، وسبيلاً للثراء السريع..إلا مارحم ربى، فى شهور قلائل إكتظ سوق الهواتف المحمولة فى مصر بهواتف لـ “كل من هب ودب”، وبمسميات غريبة لأجهزة من إنتاج شركات أغلب الظن أن مقراتها -إن وجدت- تقبع أسفل عقارات ولا تتجاوز أمتار معدودة، وتعددت الدول المنتجة لها، فلم تصبح الصين فقط، بل إنضمت إلى القائمة دول أخرى كالهند وماليزيا وغيرها، ولولا ثقتى فى جهازنا المصري لتنظيم الاتصالات ورجاله وأذرعه الرقابية لأصابنى الرعب من مطابقة هذه “الالكترونيات البلاستيكية” للمواصفات وتأثيراتها على صحة المصريين.

كل هذا يحدث والمخطط الوطنى لدعم الصناعة المصرية قائماً، والهاتف المحمول المصرى “سيكو” فى سوق يتجدد لاعبوها كل يوم، ويولد منافسين جدد له بإستمرار، دون رعاية أو حماية لهذا المنتج الوطنى التكنولوجى.

فى أوروبا والدول المتقدمة يسنون القوانين اللازمة لحماية منتجاتهم الوطنية وتوفير دعائم المنافسة لها، وسوق تجارة الهواتف المحمولة فى مصر بحاجة ماسة لمزيد من الأطر والقوانين، ولدور حكومى فاعل لإعادة الانضباط إليه، فهذه التجارة ليست إستثماراً، وليس توفير عشرات فرص العمل مبرراً لـ “شفط” الأموال من جيوب المصريين وتوجهها براً وبحراً وجواً إلى الدول الأخرى، ولحماية منتجاتنا وأموالنا وإقتصادنا..ووطننا.