(دماغيات) خالد أبو المجد : “الفار .. 2-2”
عند مرورى بالقرب منه فى الطابور سمعته يتحدث، طلبت منه السكوت والالتزام بقدسية الطابور، إستهان بى وبطلبى فقمت بإخراجه “بالعافية” ليتلقى عدة ضربات موجعات “بالخرزانة” على “وش الصبح”.
عند دخوله لمكانه بالطابور أشار لى على “ذقنه” متوعداً، فلم أعيره أى إهتمام، إلا أننى عندما كنت فى طريقى لمنزلى فوجئت بـ “جردل مياه باردة” يصب فوق رأسى وملابسى، وعندما نظرت وجدت قهقهات “الفار” تسبقه، فالمصادفة أيضاً كنت أمر من تحت منزله يومياً دون أن أدرى، قبل أن أفوق من ذهولى وجدت أخوه الأكبر “الفار الكبير” يقبض على كتفى بشدة ويحذرنى: “لو جيت جنب أخويا تانى هأموتك”، طبعاً طفل فى العاشرة من عمره سيستجيب فوراً، وربما ينهال على كفى الفار ليقبلهم، إلا أن رد فعلى فيما بعد يدل على ذكائى الفطرى الحاد..فكانت الخطة الجهنمية..!!
فى اليوم التالى وقفت على المنصة لأرى أين يقف الفار فى الطابور، وعندما حددت موقعه بالضبط ذهبت إليه، ووقفت خلفه، و”إتلككتله”، وعندما هم بفتح فمه -لا أدرى ربما كان سيتثائب أو يعطس- طلبت منه الخروج، فتعجب بشدة، وأقسم أنه لم يتحدث، إلا أننى طلبت من عضوين بالشرطة أن يخرجاه، وبالفعل خرج، وأخذ “اللى فيه النصيب” من خرزانة أستاذ الألعاب.
نفس السيناريو قمت بتكراره فى طابور الظهيرة، وسط تعجب ودهشة الفار وتوعده بأشد العبارات: “مش هتروح من تحت بيتى .. هأوريك وأربيك”.
عندما دق جرس نهاية اليوم الدراسى كنت على موعد مع تنفيذ الجزء الثانى من الخطة، خرجت من باب المدرسة، وإتخذت طريقاً مغايراً للمنزل إخترعته بنفسى، وكنت قد جربته فى اليوم السابق، وبالتالى لم أمر بجوار منزل الفار الذى كنت أقع على ظهرى من الضحك كلما تذكرت منظره وهو ينتظرنى وأخوه الفار الكبير لينالا منى.
تكر سيناريو “التلكيك” والعقاب فى الطابور مرتين كل يوم لعدة أيام، إلى أن سألنى الأستاذ صفوت ذات يوم: “إيه حكاية الولد ده ..بأشوف كتير؟”، فقصصت عليه الحكاية “من طأطأ لسلامو عليكوا”، فقام بمعاقبة الفار، ثم “عقد مصالحة بيننا”، وهدده إن تعرض لى ثانية..ومن يومها أصبحنا أصدقاء “تحت التهديد”.