أخبارالأرشيفتكنولوجياتكنولوجيا الصحةمجتمع

بأقلام القراء: طفرات كوفيد-19 .. (1-2)

الاستماع للخبر

تقول الدكتورة أصالة لمع، الباحثة في علوم البيولوجيا الجزيئية والعلوم السرطانية، والمقيمة في فرنسا، أنه نظراً لكثرة الأسئلة والاستفسارات فإنها ستحاول أن تفصل معنى الطفرات عموماً، وما حصل تحديداً مع طفرة بريطانيا فيما يخص فيروس كوفيد-19.

ict-misr.com/wp-content/uploads/2021/04/Y72tq60c_400x400.jpg" alt="" width="813" height="875" /> الدكتورة أصالة لمع الباحثة في علوم البيولوجيا الجزيئية والعلوم السرطانية

تقول خبيرة البيولوجيا: حتى الآن لا داعي للهلع، الأمر تحت المراقبة، انما لسنا أكيدين أن الفيروس أصبح أكثر انتشاراً أو خطورة، واحتمال أن يتأثر عمل اللقاح ضئيل جداً وسأشرح لماذا:

أولاً لنعود الى الفيروس نفسه، هذا الفيروس هو فيروس ذو حمض نووي ريبوزي يسمى RNA (وليس حمض نووي DNA)، وفيروسات الـ RNA تتحول بسهولة وبسرعة أكبر من فيروسات الـ DNA.

علينا أن نعرف أنه في كل مرة، يتم نسخ ال RNA الى مئات الآلاف من النسخ، هذه الأحماض مشكلة من أربع أسس سنسميها هنا A,G,C,U متسلسلة بترتيب معين.

احصائياً، عندما يتم نسخ الـ RNA كل هذه المرات، سوف يحدث أخطاء في هذا التسلسل، حرف سوف ينقص أو سيزيد أو سيبدل بآخر، هذه الأخطاء شائعة أيضاً في فيروسات الـ DNA انما يتم تصحيحها بفعالية اكبر عبر آليات تؤمن ثبات جينوم الفيروس وعدم تحوله، وهذه الآليات غير موجودة أو هي أقل فعالية في فيروسات الـ RNA.

يجب الانتباه أنه في أغلب الأحوال، هذه الأخطاء لن يكون لها نتائج ملموسة على الفيروس، كثير من الطفرات تسمى “صامتة” أي أنها ستغير الحرف وأحياناً تركيبة البروتين انما لن تغير عمله النهائي.

اذاً أغلب الأحيان الطفرات الفيروسية تكون بلا تأثير على الفيروس، أو احياناً بالعكس تكون لها نتائج سلبية قد تعطل عمله غالباً، الفيروس يحتوي على عدد صغير جداً من الجينات ويكفي أحياناً أن نغير جيناً واحداً لنعطل كل الآلية الفيروسية.

من ناحية ثانية تذهب الطبيعة غالباً الى احداث طفرات تجعل الفيروس أقل خطورة، ليس من مصلحة الفيروس أن يقتل أكثر لأن هدفه الأساسي هو البقاء  لذا تتجه الطفرات غالباً لجعل الفيروسات أكثر انتشاراً انما أقل خطورة ما يسمح للفيروس بالانتشار أكثر ويؤذي أقل..وبعض النظريات مثلاً تعتبر أن هذا ما حدث مع فيروس الانفلونزا الاسبانية وسمح بتوقف الجائحة في حينها.

انما في الوقت نفسه، الأمر عشوائي، وكلما زاد انتشار الفيروس، كلما زاد تحوره، وكلما ارتفع احتمال اختيار لطفرات قد تكون أكثر خطورة.

الطفرات هي من طبيعة فيروسات الـ RNA ، ومن الطبيعي أن تحدث انما من الطبيعي أيضاً أن يكون الأمر تحت المراقبة الشديدة.

منذ سنة تعرض فيروس كورونا لأكثر من ٢٠ الف طفرة، ٤٠٠٠ منها في البروتين الشوكي spike الذي يستخدمه الفيروس للدخول الى الخلية، وسرعة التحور تعتبر بطيئة لحسن الحظ نسبة لفيروسات أخرى كالانفلونزا مثلاً.

كل هذه الطفرات لم يكن لها -كما شرحت أعلاه- تأثيرات حقيقية على الفيروس، الطفرة الأساسية التي تعرض لها الفيروس هي المسماة D614G والمنتشرة بشكل أساسي في العالم منذ شهور، ولم تثبت الدراسات نهائيا على كثرتها أن هذه الطفرة جعلت الفيروس أكثر انتشاراً، الأكيد أنها لم تجعله أكثر خطورة.

 

                                                                                         كاتبة هذه المقالة: الدكتورة أصالة لمع

الباحثة في علوم البيولوجيا الجزيئية والعلوم السرطانية، والمقيمة في فرنسا