أخباراتصالاتالأرشيفتقاريرحكوميةشركاتهواتف

لماذا قررت شركات الهواتف الذكية إنشاء مصانع لها في مصر؟.. “إنتربرايز” تجيب

الجزء الثاني

الاستماع للخبر

في الجزء الأول من هذا التقرير، تلقى “إنتربرايز” نظرة على الشركات متعددة الجنسيات التي دخلت هذا القطاع منذ ظهور أول هاتف ذكي يحمل علامة صنع في مصر في السوق عام 2018 على يد شركة سيكو مصر للإلكترونيات. وتطرقت “إنتربرايز” إلى التحديات الحالية التي تواجهها شركات مثل شاومي وفيفو وإتش إم دي جلوبال وأوبو وإنفينيكس، وخططها المستقبلية للنمو.

وفي الجزء الثاني، تتعرض “إنتربرايز” لظروف السوق وأبرز المحفزات والتوجهات التي تدفع القطاع إلى إحراز مزيد من التقدم، وكذلك ما يحتاجه القطاع في الوقت الراهن.

من الزخم لصناعة الهواتف الذكية في مصر:

في أحدث المؤشرات على حالة الازدهار التي يشهدها قطاع صناعة الهواتف الذكية المصري مؤخرا، أعلنت شركة سامسونج مصر الأسبوع الماضي عن خططها لرفع إنتاجها من مليوني هاتف إلى خمسة ملايين هاتف سنويا، بحسب ما ورد في بيان وزارة التجارة والصناعة.

ما الذي يدفع تلك الشركات إلى تأسيس مصانع في مصر؟

تتميز السوق المصرية بعوامل جذب مثل توفر العمالة والانخفاض النسبي للتكلفة، إذ أن تكلفة تأسيس وتشغيل مصانع الإلكترونيات الدقيقة هنا، وخاصة مصانع الهواتف المحمولة، تعادل التكلفة في الصين والهند، حسبما أخبرنا الرئيس التنفيذي لشركة سيكو للإلكترونيات محمد سالم، مشيرا إلى أن حركة السوق على مدار السنوات الخمس الماضية أثبتت أن لدينا كوادر مؤهلة.

وتشهد مصر تخريج نحو 60 ألف طالب في المجالات ذات الصلة بالقطاع كل عام، بحسب ما ذكره مصدر بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) لإنتربرايز، كما أن مصر تعد سوقا استهلاكية ضخمة، بالنظر إلى تجاوز تعداد السكان 105 ملايين نسمة نصفهم أقل من 25 عاما، بحسب المصدر، موضحاً أن المستثمرين في هذا القطاع يبحثون دائما عن السكان الشباب.

الحكومة تقدم حوافز كثيرة للارتقاء بالقطاع:

تعد المحفزات التي تقدمها الدولة أحد الأسباب الرئيسية لإقبال الشركات متعددة الجنسيات على تأسيس مصانع في مصر، بحسب سالم، الذي خص بالذكر الإعفاءات الجمركية والضريبية على المكونات المستوردة لتصنيع الهواتف الذكية.

واتفق مدير العمليات في شركة الصافي الموزع المحلي لشركة شاومي ضياء الشعراوي مع هذا الرأي، مستشهدا بالرخصة الذهبية وتخفيف القيود على حركة الاستيراد والإعفاءات الضريبية، كما أن هناك قنوات اتصال مفتوحة دوما بين الحكومة والمستثمرين، وهو ما ساعد شركة شاومي على تأسيس مصنعها في “وقت قياسي”، بحسب ضياء.

وسبق أن أقر مجلس النواب تعديلات تشريعية تسمح بإعفاء بعض مكونات الهواتف المحمولة من رسم تنمية موارد الدولة وخفض بعض الرسوم الجمركية، بهدف تعزيز توطين الصناعة في البلاد، التعديلات الجديدة تلغي رسم تنمية موارد الدولة البالغ 5%، وتخفض الرسوم الجمركية على بعض المكونات إلى 0%.

صعوبات الاستيراد تصب في مصلحة الإنتاج المحلي:

من الأفضل للشركات متعددة الجنسيات استيراد المواد الخام وتصنيع الهواتف في مصر، بدلا من استيراد المنتجات النهائية التي تخضع للرسوم الجمركية، بحسب ما قاله مصدر حكومي لإنتربرايز.

وقد تسببت التحديات المتعلقة بتوفير العملة الصعبة والاعتمادات المستندية من البنوك في عرقلة سلسلة الإمداد، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة كي إم جي مصر ورئيس شعبة الاقتصاد الرقمي باتحاد الغرف التجارية كريم غنيم.

ويتفق مع هذا مصدرنا في إحدى الشركات متعددة الجنسيات المصنعة للهواتف الذكية في مصر، والذي أكد أن “الاستيراد أصبح صعباً، والأسهل هو التوجه للتصنيع المحلي دون الحاجة إلى انتظار الإمدادات الدولارية..وهو ما دفع شركتنا إلى الاعتماد على هذا النهج”.

الأزمات العالمية لها تأثير واضح:

إلى جانب اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن الجائحة، دفعت التوترات الجيوسياسية الشركات متعددة الجنسيات إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، حسبما ذكر مصدرنا في إيتيدا.

في أعقاب الحرب على أوكرانيا وتصاعد أزمة أشباه الموصلات بين الولايات المتحدة والصين، بما في ذلك التوترات بشأن شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات، اتجهت الشركات العالمية إلى مصر وعدة وجهات أخرى لتصنيع أو تصميم منتجاتها، وفقا للمصدر.

ويشير سالم إلى أن الشركات العالمية أدركت خطورة تركيز عملياتها في جنوب شرق آسيا والصين، بسبب احتمالات الإغلاق المفاجئ أو منع حركة السلع بالقوة.

أين يمكن للشركات إنشاء مصانعها في مصر؟

تضم مصر الكثير من المناطق الصناعية البارزة، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومدن السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان و15 مايو، وإلى جوار هذا، تنتشر المناطق الصناعية التي تلبي احتياجات شركات التكنولوجيا على وجه التحديد، مثل المناطق التكنولوجية التي تديرها شركة واحات السيليكون في مدن السادات وبرج العرب الجديدة وبني سويف الجديدة وأسيوط الجديدة، والتي تمنح الشركات دعما يصل إلى 50% على إيجار مكاتب التصميم ومناطق التصنيع، حسبما قال مصدرنا في إيتيدا، وبجانب ذلك، تحصل الآلات والمعدات المخصصة لهذه المجمعات التقنية على إعفاءات جمركية وضريبية.

الهدف هو توطين خمسي الصناعة:

تهدف الحكومة إلى توطين 40% من إنتاج الهواتف الذكية، وهذا يعني أن 40% من إجمالي المدخلات التي تدخل في التصنيع، بما في ذلك المكونات والتصميم والتطوير والبرمجيات، يجب أن يكون من مصادر محلية، وفقا لغنيم.

نحن بحاجة إلى وضع استراتيجية للنمو وإنشاء قطاع متكامل للمنتجين:

أضاف غنيم أن الصناعة تحتاج إلى خطة خمسية تحدد كيفية الانتقال تدريجيا من مرحلة التعلم إلى مرحلة أكثر نضجا، حيث يجري تصنيع جزء كبير من المنتج النهائي محليا..ويمكن أن تبدأ الشركات بتجميع الأجزاء حتى يتدرب موظفيها بشكل مناسب وتصبح منتجاتها ذات جودة عالية.

وتحتاج الصناعة أيضا إلى مجلس أعلى لتحديد مكونات الهواتف الذكية التي يجب تصنيعها محليا، وينبغي تشجيع المصنعين على إنتاج مكونات يمكن أن تغذي الأجهزة الإلكترونية الأخرى وكذلك التخصص في إنتاج أجزاء معينة من أجل إنشاء شبكة متكاملة من الموردين الذين يكملون بعضهم البعض، حسبما قال غنيم.

وهناك مجال للقيام بالمزيد لتعزيز الصادرات:

ينبغي إضافة صناعة الهواتف الذكية إلى برنامج دعم الصادرات الحكومي لمساعدة الشركات على دعم صادراتها ودخول أسواق جديدة، وفقا لغنيم.

وتصدر سيكو نحو 15% إلى 20% من إجمالي إنتاجها إلى دول أفريقيا والخليج، بحسب سالم.

وقدم غنيم وجهة نظر أخرى، إذ قال إن الصناعة تحتاج إلى دعم التصدير من أجل مواجهة المنتجات التنافسية القادمة من الصين، مضيفا أن مبادرات التصدير هي محور هيمنة الصين على صناعة الهواتف الذكية.

هل أصبحت مصر مركزا إقليميا لإنتاج الهواتف الذكية؟..”إنتربرايز” تجيب (الجزء الأول)